لفت تقرير منظمة بلدان التعاون والتنمية، صدر، أمس، بمقر المنظمة في باريس، إلى أن نسبة الهجرة الدولية في العام 2010 تراجعت بنسبة 6 في المائة مقارنة مع سنة ,2008 وأشار التقرير إلى أن دول شمال إفريقيا وعلى رأسها الجزائر لم تعد تصدر المهاجرين بغرض العمل كما كانت عليه في السابق. وعزا التقرير الأسباب إلى الأزمة العالمية والبطالة والسياسة الجديدة للهجرة التي تبنتها باريس، وهي سياسة، حسب التقرير، منفرة للهجرة، في وقت تحتاج فرنسا لليد العاملة من المهاجرين أكثر من أي بلد آخر، بينما استقرت نسبة المهاجرين ''الدائمين'' من شمال إفريقيا وخاصة الجزائر في حدود 38 بالمائة سنة ,2008 وهي نسبة عرفت تراجعا رهيبا، بينما قدمت ألمانيا على أنها الدولة الأكثر استقطابا للمهاجرين، باعتبار أن الوضع هناك أفضل بكثير من دول أخرى.
وعكس وضع الجزائريين المهاجرين إلى فرنسا بغرض الشغل، حيث تراجعت ''الهجرة الدائمة'' لهذا الغرض، فإن أعداد الطلبة الجزائريين في فرنسا ارتفعت مع بلدان أخرى كتونس والصين والولايات المتحدة الأمريكية، حيث سمحت باريس لما يزيد على 49 ألف طالب أجنبي بجامعاتها منذ عامين، بزيادة قدرت بسبعة آلاف مقارنة بسنة .2007
ويعكس التقرير، في الشق المتعلق بالجزائريين وفرنسا أن الآلاف من المهاجرين إلى هذا البلد، لا يمكثون فيه طويلا، حيث يتخذون وجهات أخرى على غرار ألمانيا وبريطانيا بحثا عن فرص عمل أفيد وحياة أفضل، الأمر الذي يبرره ارتفاع عدد طلبات التأشيرة ''السياحية'' من القنصليات الفرنسية بالجزائر، مقارنة مع أصناف الفيزا الأخرى. وتزامن هذا الوضع، حسب التقرير، إلى تقلص منح تصاريح العمل بشكل لافت، وتحدث عن السويد كدولة عرفت كيف تتفادى نفور المهاجرين، حيث اتخذت تدابير بفتح حدودها وضاعفت في منح تصاريح العمل للمهاجرين، حيث انتقل الرقم من 33 ألف سنة 2008 إلى 85 ألف السنة الجارية، عكس فرنسا التي خفضت من عددها. كما خفضت من منح اللجوء السياسي لطالبيه من مختلف البلدان، تماشيا مع السياسة الجديدة للهجرة. وحسب التقرير، فإن فرنسا عرفت تراجعا في عدد المهاجرين بنسبة 25 بالمائة بين سنتي 2009 و,2010 من جملة تراجع كلي للمهاجرين في دول المنظمة قدر بـ67 بالمائة، وتأتي في المرتبة الثانية هولندا. وهي سابقة لم تعرفها هاته البلدان التي تعرف تزايدا في معدلات الشيخوخة، حيث نبه التقرير بأن عدد المواطنين في سن العمل سوف لن يزيد على5, 1 بالمائة العام المقبل، ما دفع بالمنظمة إلى دعوة بلدانها إلى مساعدة المهاجرين على تخطي مشكل البطالة وتشجيع منح التعويضات عن البطالة المؤقتة، باعتبارهم الحلقة الجيدة في عوامل تحقيق النمو، وإن رأت المنظمة أن الزوال التلقائي لتأثير الأزمة، سيعيد معدلات الهجرة الشرعية إلى مستوياتها الأولى.
وجاء في التقرير أن الانخفاض في تدفق المهاجرين ''استمر خلال العام الماضي، حيث تراجعت أعداد المهاجرين في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نتيجة للأزمة الاقتصادية''. وأشارت المنظمة إلى أن الانخفاض يعكس تراجعا في الطلب على العمالة في دول المنظمة، على أن المهاجرين ''تضرّروا بشدة من أزمة البطالة، إضافة إلى معاناة المهاجرين الشباب بوجه خاص من التراجع الملحوظ في فرص العمل''.