و أنا في بدايات تفكيري بموضوع جديد، تخطاني عنواني عنوة، حتى يفرض علي أن أكتب عنه و أبسط لكم الفكرة التي حيرتني كما حيرتك أنت و إن كنتَ لا تدري، و حيرت من قبلنا كبار الفلاسفة و المفكرين، "أوقفوا هذا العالم عن الدوران، فإني أريد النزول" و اريد المغادرة، لأني ما وجدت سندا لي و ما وجدت قلبا يحن على ضعيف أو يعذر مخطئ تائب.
لقد همت بنا المآسي فاشتكينا و راودتنا على فعل المنكرات ففعلنا و لم نجد لآهاتنا أدان تسمع بكاء ضميرنا، فقررنا أن نشد الرحال أو ننتحر بعقد الحبال أو الرمي من أعالي الجبال. و أنتم كما أنتم و كما كنتم تنظرون، تتفرجون أنهكتكم غمزات و أرهقتكم لمزات، و بقيتم كما كنتم... تتفرجون و تتفرجون و عندما تتعب عيونكم ترتاحون بأن تتفرجوا علينا نغرق و نغرق حتى نغرق.
كلكم يبغي ليلاه و في سبيل ليلى، يرفس أخاه و يدعس أختاه، غير آبه بما ارتكب من مجازر. لقد اظلمت سماء العالم حتى اشتكى من جور ساكنيه، و تخيل معي أن تحقق مبتغاك عن طريق قطع الأماني و شنق أحلام الصغار و حتى الكبار، و تخيل أن همك لم يعد هم الجميع لأن هذا الجمع قد تفرق و أن مجلس العزاء قد أصبح ينفخ الناي بدل تقديم التعازي و أن مداحات الأفراح قد اصبحن يحترفن فن الباكيات، النائحات في مجالس العزاء. و تخيل كيف تتداخل أحلام الصغار مع أمنيات الكبار فينتج عنها كوابيس الشيطان و النفاثات في العقد لتصبح أنت معتوها وسط ركام الزمان، مثلك مثل كل النفايات يدفعها جميع المارة بأرجل الخبث على اعتبار أن إبعاد الأدى عن الطريق توجب الحسنات.
لقد تداخل ليل هذا العالم مع نهاره الوظاح، فلا أصبح الليل ليلا و لا النهار نهارا، و ما عاد يفرق العبد ما بين تحقيق الأمنيات أو انتظار عقاب. فتخيل كما كنتَ دائما تتخيل كيف يسير الزمان و كيف تتآكل عجلات القطار من فرط سرعة القطار و دهس القطار.
لا أقول أن حلمي في تحقيق التوازي قد تبخر، و لا أقول أن كثرة الزحام قد شدت الأنفاس عن التنفس و لكن تخيل كما أني أتخيل أن قدرة التحمل في العيش وسط هذا الزحام قد تبخر و تجمر، ثم تلاشى كما تتلاشى كل الأمنيات . لا أقول أنك عندما تكتب موضوعا للنقاش في احدى صفحات الجرائد أو المنتديات أنك لن تجد ردا مستنيرا، لكني و بلغة الصمت أؤكد أن كل تلك الردود لن تتعدى في أكثر الحالات نهما للقراءة، كلمة لا تتعدى فيها أحروف الهجاء خمسا. و هي أن تقرا كل يوم كلمة " مشكووووووووووووووووووووووور" و لا أدري حرف الواو فيها لما يكرر و يعور و يكور .
لا أدري لما انزوى كل واحد منا في زاية اللارجوع و اللإلتفات؟، و لا أدري لما قانون الغاب قد تهزبر و تتأأسد؟ و لا أدري حتى كيف آمر هذا العالم عن التوقف و لا حتى كيف اصرخ و أنا الفاقد للنطق من فرط الزحام وسط الزحام أني أريد النزول فما عدت أقدر؟
فلا تردوا على ( ترهاتي) و ( خزعبلاتي) بككلمة لا تتعدى حروفها خمسا من حروف الهجاء، و في وسطها حرف يتكرر و يعور و يكور، بل ردوا على كلماتي بكلمات تطفئ وهج النار في صدر الصغير عندما يكبر كي لا ( يتشيطن ). أو حلوا عني .........فأنا اصلا لم أعد أركب هذا العالم منذ توقف عن الدوران، و أعلموا أنني ادور كما تدور عقارب الساعات، ابحث عن حقيقة ضاعت وسط الزحام، لا أحمل بيدي سوى شمعة تنير طريق غيري، حتى لا يسقط في حفرة قد التهمتني و التهمت معي كل الأحلام و المعاني.
و أخيرا اقول إن كنت لم تفهم المعاني، فلا تتنفرز، و أعلم أنه من شدة القهر تولد تلك الأماني. و أمنتي أن نغدو كلمة تزأر في وجه الصمت و في وجه الظلمات .