البصيرة هي نور الشجاعة

أعود بذاكرتي لأيام الدراسة

كنت أخذ الحافلة للالتحاق بالإعدادية

أراه بشكل شبه دائم يضع نظارات سوداء

و يحمل عكازه الأبيض بكل اعتزاز وفخر

يكبرني في السن إنه طالب في الجامعة

نحن نأخذ نفس الحافلة يتجمع حوله زملائه

و يتبادلون النكت و تتعالى ضحكاتهم

داخل الحافلة و عندما يتبادلون الحديث

يكون حديثه عميق و مثقف حول دروس القانون

كان يتصرف بشكل طبيعي ويساهم في

الحديث و الضحك بنفس قدر زملائه المبصرين

ما كان يبهروني أكثر من حديثهم هو تصرفاته

الطبيعية يتحرك في الحافلة دون أن يصطدم بأحد

و يتحسس ساعته بكل دقة لمعرفة الوقت

حتى عندما يركب وحده كان يصل إلى

مقدمة الحافلة بكل ثبات و عندما يصل إلى

محطته ينزل بكل يقين مراقبتي له جعلتني

أتصور دائما أن المكفوفين لا يحتاجون

للمساعدة و عندما أسمع كلمة بصيرة أعتبرها

كالبصر أو حاسة سادسة تقود المرء

لكنها أكثر من ذلك البصيرة هي نور

الشجاعة التي يمنحها الله لمن حرمه

من نعمة البصر ويقوي بها قلبه فلا يصاب

بالخشية و التردد عندما يخوض غمار الحياة

ومنهم من يهتدي لهذا النور فيغنه عن مساعدة

الآخرين إلا نادرا ومنهم من لا يستطيع التماس هذا

النور فيحتاج للمساعدة بشكل دائم وربما يمنعه

الظلام الذي يعيش فيه حتى من الخروج لنور

الشمس لعله يلتمس من أشعتها ما يدفئ قلبه

لكن نحن المبصرين نرى بأعيننا وهم يرون بقلوبهم

فيتفوقون علينا في الإحساس و الإبداع في حالات كثيرة





دمتم بالأمل